أول منتدى عربي موثق وخال من المنقول


العودة   منتديات الأمل > منتدى منكم وإليكم > عبر من الواقع
  أهلا وسهلا بكـ يا غير مسجل
منتديات الأمل على الفيسبوك
باب التسجيل مغلق حاليا في منتديات الأمل
منتديات الأمل على تويتر
قوانين الأمل الأوسمة مشاركات اليوم

عبر من الواقع لننسج هنا قصصنا الواقعية التي عايشناها لنفيد بها بعضنا بعضا..

سلسلة القصص الواقعية في تحدي المستحيل .. الموسوعة التايلندية المتحركة : الفصل الأخير

عبر من الواقع

إنشاء موضوع جديد   
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-2008, 15:33   #1
معلومات العضو
المهدي عبيد
نجم الأمل
الصورة الرمزية المهدي عبيد







المهدي عبيد غير متصل

آخر مواضيعي

افتراضي سلسلة القصص الواقعية في تحدي المستحيل .. الموسوعة التايلندية المتحركة : الفصل الأخير




الفصل السابع .... و الاخير


استقرت الأمور بشكل آمن للجميع في السجن , آمن مقارنة بما مضى حيث كان يمارس أي شيء و كل شىء , نقصت الجرائم بين العصابات فيما بينها , و نقصت بحدة من طرف الإدارة ضد السجناء , و لكن لم تنعدم نهائيا .
كانت فرصة لمعز من أجل معرفة المسافة التي بقيت و التي يتوجب عليه قطعها , للتخلص نهائيا من هذا السجن البعيد عنه كليا مسافة و حضارة و لغة , رغم المامه الكبير بكل الخفايا , الـ25 سنة التي يلزمه قضاؤها خلف القضبان اصبحت بالفعل كبيرة و مملة و مقلقة لأبعد حدود القلق , و كان لا بد من محاولة تحطيمها , و التجربة اثبتت له أن المحاولة هي الأساس , المحاولة هي التي تولد النجاح و الثقة في الخطة هي اساس نجاحها لأنك إذا لم تؤمن بصلابة خطتك فانت أقررت بفشلها حتى قبل أن تبدا ,كانت الأمور واضحة لديه حول اسرته بتونس , و واضحة لديه حول كل ما يهم السجن و نزلائه و المصالح التي تحكم جميع من فيه , ثقافته اللغوية و الفكرية اللامحدودة أهلته ليعرف كل مسارب عصابات التهريب , تهريب المخدرات و السلع و... حتى الأشخاص , عند هذه النقطة وقف طويلا , ليتأكد أنه عليه القيام بالخطوة التي جاء وقتها ,الخطوة التي أجلها كثيرا و التي لم تتوفر ظروف تحقيقها و بالدقة التي يريدها و التي لا يمكن أن يقوم بأي عمل طائش غير محسوب بعد كل هذا الوقت الذي قضاه واقفا وصلبا أمام الطوفان , أمام أعتى الأعاصير الشيطانية التي قابلته كانت هذه الخطوة أو الخطة هي خطة الفرار من السجن
نعم لقد قلق بما فيه الكفاية , و يجب أن يقطع هذا القلق بسيف بتار لا يترك اثرا , و كما تعود دائما لابد من دراسة الأمر كما يجب و دون ترك أي مجال للصدفة و بدأ في العمل.
في ذلك الوقت كانت علاقاته المتشعبة مع الجميع في أقصى درجات نموها المطرد و لا بد من استغلال ذلك , كان معه في السجن و ممن يثق بهم من رؤساء العصابات و غيرهم من الرجال الطيبين ما يكفي ليبني خطة الفرار بشكل محسوم لا يمكن أن تترك اثرا , أول شيء فعله أن قام بتأمين ماله الموجود بالبنك بتحويله الى أحد أفراد اسرته بأروبا و بالطبع كان كل ذلك يتم بالإتفاق مع اطراف خارج السجن تنفذ كل شيء و أي شيء وفق مبدا تجاري معروف , ثم اتفق مع العديد من الأطراف الأخرى في الداخل لتأمين خروجه من السجن و من البلد بأسرها , و كل طرف بالسجن له علاقات واسعة بالخارج مما جعل خطة معز للفرار تبرمج بكل يسر مقارنة بما يمكن أن يشاهدة سجين عادي يحاول الفرار ,فمن المستحيل وفق ما هو موجود لأي سجين آخر محاولة الخروج , مجرد المحاولة كانت ترصد و تفشل من البداية , فإدارة السجن لا تلعب و لها أعوان سريون في قلب اللعبة الداخلية للسجن تجعل الأنفاس بالميزان في كل حركة , الا معز و البعض من الرؤوس الكبيرة كانت اللعبة مكشوفة من البداية لديهم , و وضع معز الخطة و كانت محكمة لدرجة أنها تمسح أي اثر له كسجين في هذا السجن الرهيب , بمعنى أن تمحى كليا بصماته و كانه لم ينزل يوما بالسجن و هذا جاء نتيجة معارفه العديدة بالرؤوس العملاقة التي تحكم الجميع في السجن و خارجه , و حدد الوقت للتنفيذ ليذوب كليا كالملح ليس من السجن فقط و لكن من كل تايلندا ,
و قبل مدة قصيرة من تنفيذ الخطة جاء ما قلب كل شيء و جعله يلغي خطته من الأساس , ماذا وقع ؟ ببساطة جاء عفو جديد على معز باسقاط باقي المدة شكرا له لما قام به في السجن و دوره الفعال في كل ما فعله لحل مشاكل السجناء و اعانة الإدارة بأكثر من المطلوب منه .
يا إلهي , يا رب , أخيرا جاء الفرج من الله وحده . و من يدري فقد كان يمكن أن يتدخل القدر ليلغي الخطة في آخر لحظة بتغير ظرف بسيط واحد من ظروف التنفيذ يلغي خطة فراره
و خرج معز من السجن بعد ثماني سنوات , كانت كلها حربا طاحنة في تحدي المستحيل , خرج منها كتجربة إنسانية مثيرة خلفت له ثروة مالية هامة و ثروة فكرية و حضارية عملاقة أهمها حذقه لتسع لغات أجنبية قراءة و كتابة و اصدقاء تركهم وراءه خلف قضبان ابشع سجن في العالم
و لم تمض اشهرا الا و أصدر تجربته المثيرة في كتاب باللغة الفرنسية طبع في قلب باريس و كانت تجربة لا يمكن إدراك مدى تاثيرها عليه و على مثله من الشباب العربي المسلم في تعامله مع ذاته و مع الغير كذلك
أخيرا , اعترف أني أحببت هذه القصة من الأعماق و أبكتني بشدة عندما قرأتها منذ سنوات
و كادت تبكيني كذلك عند إعادة كتابتها فهي ليست شريطا سينمائيا أو رواية أدبية و لكنها وقعت لواحد منا , شاب عربي مسلم ضعيف البنية و ضعيف التجربة يجد نفسه في مكان قبيح لدرجة لا توصف, و من محبتي الكبيرة لهذه التجربة بقيت أتذكرها طيلة هذه السنوات .
و قد تعبت كثيرا في تحريرها لكثرة تشعباتها و مسالكها و أعرف و اعترف أن العشرات و المئات من جزئياتها قد ضاعت من ذاكرتي و لكني حاولت قدر الإمكان أن أتذكر أهم ما فيها .
و قد يكون حبي لمعز و تجربته هو السبب الرئيسي و الأساسي في كتابة قصته بهذا الحب الكبير و التعاطف المحايد كذلك .
عندما شاهدت صورته الحقيقية في الصحيفة أدركت فعلا أن الشكل العام قد يوهم بعكس الحقيقة , فقد كان ضعيف البنية فعلا و أحسست من خلال ملامحه بحب كبير لإنسان لا أعرفه عن قرب ,
أحببت صموده و تحديه , أحببت عدم انتكاسه امام العاصفة و الطوفان المنهمر ,لو شاهدت القصة في شريط سينمائي لقلت كم يبالغون
و لكن يبقى الواقع فعلا ... أقوى من كل الروايات , و سيبقى لمعز شيئا مهما و عزيزا في وقتنا و هو أنه
عاش رجلا ... و خرج رجلا ... و هذا يكفي
تحياتي لكم و دمتم سالمين
مازن2005




 
 



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:12

جميع الآراء بصفحات منتديات الأمل لا تعبر بالضرورة عن آراء إدارة الأمل، إنما تعبر عن رأي كاتبيها