عرض مشاركة واحدة
قديم 26-10-2009, 15:10   #1
معلومات العضو
خالد زريولي
نجم الأمل
الصورة الرمزية خالد زريولي








خالد زريولي غير متصل

آخر مواضيعي

افتراضي اللغة العربية.. سبب التخلف؟؟




تحية عطرة للإخوة والأخوات بمنتديات الأمل



بعد غياب عن صفحات المنتدى، أعود لأحضان هذا البيت الدافئ، متمنيا بداية أن يكون كل أمل بألف خير.

أهلا بعودة العائدين، وعودة ميمونة لمن فارق صفحات المنتدى مضطرا. دعواتي أن يحقق الله مراد المجتهدين، ويثلج صدورنا بخبر تفوقهم ويشفي المرضى ويعيدهم إلينا سالمين، إنه سميع الدعاء.



قال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (1)، وقوله تعالى: "الذكر" يعني القرآن. "وإنا له لحافظون" من أن يزاد فيه أو ينقص منه. قال قتادة وثابت البناني: حفظه الله من أن تزيد فيه الشياطين باطلا أو تنقص منه حقا؛ فتولى سبحانه حفظه فلم يزل محفوظا، وقال في غيره: "بما استحفظوا" [المائدة: 44]، فوكل حفظه إليهم فبدلوا وغيروا. (2)
وإذا كان الله تعالى قد حفظ ألفاظ القرآن من التحريف، فمعناه أيضا أنه حفظ اللغة التي كتب بها، إذ لن يكون محفوظا إذا تغيرت استعمالات كلماته ومعانيها، فلا تجد لفظا ذكر في القرآن إلا ولازال معناه قائما مستعملا. أما بالنسبة للعبارات وبعض المصطلحات القديمة التي لم يعد استعمالها في اللغة هي ظاهرة مشتركة بين جميع اللغات، هي بسبب تغير نمط الحياة.

ولأن المجتمعات تتطور وتتقدم، خصوصا بعدما كثرت الاختراعات، اعتمدت معظم الأمم أساليب لتطوير لغتها لتواكب التغيرات، أهمها أن تضيف إلى قواميسها كل كلمة أجنبية راجت في المجتمع وصارت مفهومة عند العموم،فنجد في قاموس Concise Oxford English Dictionary (11th edition) مثلا كلمة: أمير amir/emir بمفهومها العربي، قد تم إدراجها، مع توضيح أن أصلها عربي (وأيضا فارسي وأردي، إذ الثلاثة ينطقونها بنفس الشكل ولها نفس المعنى) والأمثلة كثيرة جدا، وأوضح أن هذه العملية ليست فقط تجاه الكلمات العربية وإنما كل الكلمات المستعملة من طرف الإنجليز مهما كان أصلها.. نفس التجربة عند أصحاب اللغات الأخرى خصوصا الفرنسية.

هذه الطريقة تخيف مجموعة من النحاة والمتخصصين في اللغة العربية الذين يعتبرون أن مثل هذه العمليات ستضعف قيمتها وتجعلها حبلى بالكلمات الغربية لأن كما هائلا من الكلمات سيجتاح معاجمنا. لم لا؟؟ لماذا لا يخاف ملايين الأشخاص من أن يستعملوا كلمة sugar (سكر) يوميا رغم أنها كلمة عربية؟ ولماذا لم يحاولوا ترجمتها بكلمة خاصة فقط بلغتهم؟؟ بكل بساطة لأن العامة استعملت الكلمة وتعودت عليها وأصبحت مفهومة المعنى، فانتقلوا إلى مرحلة التوثيق، وتركوا خلق الكلمات الجديدة لمبتكريهم ومخترعيهم.
أما عندنا نحن العرب، فلا اختراعات، وإن وجدت سميت بأسماء أجنبية، وإذا ما قامت طائفة لتترجم كلمات باللغة العربية اختارت غرائب الكلمات والألفاظ. كل هذا من أجل عدم تعريب كلمات صارت على كل لسان بدعوى حفظ اللغة، رغم أن القرآن الكريم يدعو هو ذاته ضمنيا لهذه العملية. كيف ذلك يا خالد؟؟

يقول تعالى: وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا (3) أي أنزلنا القرآن بشيراً ونذيراً بلسان عربي مبين فصيح لا لبس فيه ولا عي (4) وقال كذلك جل وعلا: بلسان عربي مبين (5) أي هذا القرآن الذي أنزلناه إليك, أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل, ليكون بيناً واضحاً ظاهراً, قاطعاً للعذر, مقيماً للحجة دليلاً إلى المحجة(6) إذن فكل الكلام بالقرآن دون استثناء هو عربي صرف. فماذا نقول في الكلمات جهنم (أصلها كنهام بالفارسية)(7)و سجيل (فارسية تعني حجارة من طين) (8) ومقاليد (هي المفاتيح بالفارسية) (9)و قسورة ( الأسد بالحبشية) (10) وغيرها كثير في القرآن؟؟؟ هل هذا يناقض شهادته تعالى أنه كتاب عربي؟؟ حاشى لله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

أرى أن ذلك كان مقصودا، وأن هناك رسالة من ذلك، فالله تعالى، وهو القادر، يمكنه أن يخلق من الكلمات ما يشاء ليكون القرآن كله بكلمات عربية قحة. ويجنب نبيه عليه أزكى الصلاة والسلام والمسلمين من بعده محاجة القائلين بأن القرآن غير عربي، لكن وكما يقول العلماء، إن تلك الكلمات هي كلمات أجنبية دخلت على المجتمع العربي، ولما تداولها الناس وفهمها عمومهم صارت عربية.

لا أدري صراحة كيف سمح النحاة والمتخصصون بالاعتداء على بعض القواعد النحوية التي هي أساس اللغة تحت غطاء ما يسمى بالضرورة الشعرية، وكيف اعترفوا بفن هو الزجل، استعملت فيه الآلاف إن لم يكن الملايين من الكلمات الدارجة لمختلف المناطق (والتي تأثرت بعضها بلغة المستعمر)، ولا يسمحون بإدخال كلمات تقنية وعلمية ستساعد على تقوية اللغة تسهيل استعمالها وبالتالي تحبيبها فالزيادة في عدد مستعمليها ومتعلميها؟؟؟؟ لنأخذ كلمة إنترنيت (بفتح الهمزة أو كسرها) أو كلمة رادار (بمد الراء أو عدمه) على سبيل المثال لا الحصر، لماذا لا يدخلان المعجم؟

أعتقد أنه لابد من إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع اللغة العربية، لأنها فعلا في موقف ضعف، فهي غير قادرة حاليا (بمصطلحاتها الحالية) عن مسايرة الواقع ووصفه والتعبير عنه. والخلل طبعا ليس فيها كلغة، وإنما في مستعمليها، ولعل أصدق تصوير للوضع ما قاله الشاعر حافظ إبراهيم:

رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
***************وناديت قومي فاحتسبت حياتي

رموني بعقم في الشباب وليتني
****************عقمت فلم أجزع لقول عداتي

ولدت ولما لم أجد لعرائسي
**************** رجلا وأكفاء وأدت بناتي

وسعت كتاب الله لفظا وغاية
************** وما ضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
************ وتنسيق أسماء لمخترعات

أنا البحر في أحشائه الدر كامن
************ فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني
****************ومنكم وإن عز الدواء أساتي

فلا تكلوني للزمان فإنني
****************أخاف عليكم أن تحين وفاتي


فما علينا إلا أن نغوص ونستخرج الكلمات الجديدة.. غوص يحتاج لبصر ثاقب وطول نفس.
وإلى ذلكم الحين، لكم مني أجمل تحية.



الهوامش:

(1): سورة الحجر الآية 9
(2)و (10): تفسير القرطبي
(3): سورة طه الآية 113
(4)و (6)و(8)و(9): تفسير ابن كثير
(5): الشعراء الآية 195
(7): أضواء البيان للشنقيطي



التوقيع