الموضوع: القضاء والقدر
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2010, 18:48   #9
معلومات العضو
المصطفى المرابط
أمل قادم
الصورة الرمزية المصطفى المرابط








المصطفى المرابط غير متصل

آخر مواضيعي

افتراضي

أهلا بك أخت رانيا من جديد...وعذرا عن تأخري في الرد...التأخر الذي يعود الى أسباب منها ما يرتبط بالعمل و منها ما يرتبط بالدراسة، لكنني مع ذلك أبذل وسعي حتى لا تفوتني فرصة متابعة النقاش حول هذا الموضوع الذي يمكن اعتباره موضوع الساعة بالنسبة لنا كأمة تتذيل الحضارة،سأعترف لك أختي بأمر ما ،سأعترف لك أن الثورة الفرنسية حققت مآرب كبرى للفرنسيين حينها، و رفعت عنهم ظلما أناخ على عقولهم و قلوبهم سنين و سنين، و سأعترف لك أيضا أن الملكية النابليونية، جاءت لتجهز بعد ذلك على ما حققه الأولون من مكاسب حقوقية..لكن نابليون ذهب الى حاله و جاءت بعد ذلك، فرنسا الديموقراطية و معها أوربا الحرة المستقلة،ما أريد الاشارة اليه هنا أن الظروف و السياقات التاريخية العامة التي حررت أوربا من بطش الكنيسة والاقطاع لم تكن عادية، فقد أسس لها فلاسفة و مفكرون تركوا بصماتهم الواضحة في سجل التاريخ، و تبثوا أعمدة عصر تسمى بعصر الأنوار والحركة الانسية كما تعلمين. فقد أطلقت أوربا العنان لعقولها آنئذ و شرعت تسبر أغوار العلوم وتنسل من المعارف يوما بعد يوم الشيئ الكثير...لم يكن هدف هؤلاء الأول تغيير النظام ،أو قلب المؤسسة الحاكمة، و لكن كان مرماهم الأوحد العلم و اكتشاف مكنوناته، ولأن هذا الأخير يفرض هامشا من الحريات ليس باليسير بدأت المؤسسات المالكة تتنازل شيئا فشيئا عما كانت تعتبره سابقا خطوطا حمراء، و ما ذلك في الواقع الا انبهارا بما يتحقق من انجازات مذهلة. ولنعد الآن الى ما عرفته بلداننا العربية مما يمكن أن نصطلح عليه تجاوزا، ثورات التغيير، ولنأخذ مصر مثالا،حيث يتبين لنا ، أن الثورة على نظام الملك فاروق لم تكن مسبوقة بنهضة علمية أو فكرية، ثم ان الهدف منها كان فقط قلب نظام الحكم وهو بالنهاية سباق على السلطة فحسب. و ما وصلت اليه مصر مع نظام مبارك ليس الا نتيجة حتمية و توصيفا صارخا لما أقول.فالثورة التي تنجح وتترك الأثر الكبير و تبصم التاريخ من ذهب هي الثورة التي يقودها المفكرون والعلماء لا السياسيون و ذووا الميولات السلطوية،و أنا في كلامك أخت رانيا كنت ألمس حضور المسحة السياسية، وتجلى لي ذلك من خلال كلامك عن الاصلاح و تغيير الواقع و المنك ووووو..و هي اصطلاحات تندرج ضمن القاموس السياسي بامتياز،ما أقوله أنا و هو موقفي ورأيي بالمناسبة، أن كل من يقحم نفسه في اطار جماعة سياسية، سواء كانت مرجعيتها دينية أم لا،يكون هدفها بالدرجة الأولى الوصول الى السلطة،و حتى ان كان في أحسن الأحوال هدفها نبيلا ،أي الوصول الى مركز القرار من أجل فرض نظرتها و رؤيتها الاصلاحية و بالتالي منهجها في التغيير،فانها تصطدم بأشياء لم تحسب لها الحسابات الكافية فتذهب أدراج الرياح هي و رؤيتها الاصلاحية التي افتقدت الى الحكمة...ثم تنساق و تتكيف مع الواقع الجديد، و دون أن يشعر منظروها الأولون يصبحون وزراء عاديين في حكومة طالما انتقدوها و اتهموا مكوناتها بالفساد،.و الغريب في الأمر الذي لا يقبله العقل أنهم لا يستقيلون من مهامهم، بل يتشبثون بها أيما تشبت، و كأني بهم قد اكتشفوا موقعهم الحقيقي في هذا العالم المليئ شرورا و خبروا شعبهم الأمي، الذي يخذل بعضه بعضا و نظامهم الحاكم، الذي يسعى الى التخريب مادام الاصلاح لا يخدم مصالحه.
...أرجو أن تزعزعي ولو شيئا ما ما هو ثابت لديك من أفكار و ان تكوني منفتحة على الجميع و أن لا ترتبطي برؤية فكرية قد تكون رسخت لديك منذ طفولتك،فالعالم يتغير كل دقيقة، وأرجو في الختام أن تقرئي كتابا قد لا يكون معروفا لكني اقتنعت بما يقدمه من أفكار...كتاب:الحركات السرية في الاسلام رؤية معاصرة. للكاتب الدكتور محمود اسماعيل....تحياتي.



التوقيع